لقد صدق الله سبحانه إذ يقول في محكم كتابه: {والله متم نوره ولو كره الكافرون} (الصف: 8).
ومصداق هذه الآية ما نراه اليوم من انتشار الإسلام - والحمد لله - في كثير من بقاع العالم، على الرغم من أن حال المسلمين اليوم ليس بالحال الذي تُرضى شفاعته، وعلى الرغم كذلك مما يكيده أعداء الإسلام ويدبرونه؛ للنيل من هذا الدين.
بالأمس كان هناك ما يسمى بالاتحاد السوفيتي، الذي عانى المسلمون في ظله كثيرًا من الظلم والكبت، والحرمان من أبسط حقوقهم؛ فقد كانت ممارسة العبادة ممنوعة، وكان من يُضبط متلبسًا بذلك يُعاقب أشد العقاب، أما المساجد فقد هُدِّمت أو أُغلقت أو حُولت متاحف يقصدها طلاب السياحة ومحبو الآثار..
ولكن وبعد أن آل حال دولة الاتحاد السوفيتي إلى ما آل إليه، بدأ الناس يتنفسون الصعداء، ويمارسون عبادتهم بشيء من الحرية.
وقد ظهرت في الآونة الأخيرة ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الروسية، قامت بترجمتها الدكتورة إيمان فاليريا بوروخوفا، وتم طبع ما يقرب من مئة ألف نسخة من هذه الترجمة، ووزعت جميع نسخها داخل دولة روسيا الاتحادية.
لكن مما يؤخذ على هذه الترجمة أنها تضمنت العديد من الأخطاء التي وقعت فيها المترجمة، ولم تتنبه إليها، فعسى أن تحاول استدراكها في طبعات قادمة إن شاء الله.
ويُشار إلى أن المؤلفة كانت قد حصلت على تصريح من الأزهر الشريف باعتماد هذه الترجمة، واعتماد نشرها وتوزيعها. وقد موِّلت هذه الطبعة من قبل بعض رجال الأعمال في دول الإمارات والكويت والسعودية وقطر وليبيا.
ومن المفيد القول في هذا السياق: إن هذه الترجمة للقرأن - بما لها وما عليها - ليست هي الترجمة الجيدة للقرآن الكريم إلى اللغة الروسية، بل الترجمة الأفضل هي ترجمة المنتخب، أو ما يسمى بالترجمة المصرية، فهذه الترجمة الأخيرة لا قت قبولاً مشهودًا لدى المسلمين من الشعب الروسي.
ومع أن عدد المسلمين اليوم في روسيا يبلغ ما يقرب من ستة ملايين نسمة، غير أن الكثير منهم لا يعرفوا عن الإسلام إلا الاسم، وعلى الرغم كذلك من جهود التنصير المبذولة في تلك الديار، إلا أن الإسلام آخذ - والحمد لله - في التوسع والانتشار؛ فقد بلغ عدد المساجد في روسيا قرابة 25 ألف مسجد.
بيد أن تلك المساجد لا تزال غير قادرة على القيام بدورها المنوط بها على الوجه المطلوب والمأمول؛ وهذه الترجمة الجديدة لمعاني القرآن سوف تسهم في توعية المسلمين بدينهم من جانب، كما أنها سوف تسهم في كسب مسلمين جدد في تلك البقاع.
يشار أخيراًَ إلى أن ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الروسية هي الترجمة رقم 106 من ترجمات القرآن الكريم للعديد من لغات العالم، وقد سبقت هذه الترجمة للغة الروسية ترجمة أخرى قامت بها د. سمية عفيفي، أستاذة اللغة الروسية بجامعة عين شمس، وتمت تحت إشراف الأزهر، ووزارة الأوقاف المصرية.
والمركز الأعلى للشؤون الإسلامية، ولاقت هذه الترجمة قبولاً واستحسانًا لدى الشعوب الناطقة بالروسية. وصدق الله القائل في محكم كتابه: {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (يوسف: 21) .
المصدر: موقع إسلام ويب